الطعن رقم 93 سنة 21 ق – جلسة 23 /04 /1951
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة الثانية – صـ 1013
جلسة 23 من إبريل سنة 1951
القضية رقم 93 سنة 21 القضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور
حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك, وفهيم إبراهيم عوض بك, وإبراهيم خليل بك ومحمد أحمد
غنيم بك المستشارين.
دفاع. إتمام المحكمة تحقيق الدعوى وسماع الدفاع عن المتهمين. إعادتها إلى المرافعة
وإجراء تحقيق فيها دون حضور محامي المتهم ولكن في حضور محامٍ ورد في محضر الجلسة أنه
حضر عن المحامي الأصلي دون بيان ما إذا كان المحامي الأصلي أخطر بالجلسة أم لا ولا
كيفية نيابة المحامي الذي حضر عنه. إخلال بحق الدفاع.
إذا كانت محكمة الجنايات بعد أن أتمت تحقيق الدعوى واستمعت إلى دفاع المتهمين أعادتها
إلى المرافعة وأجرت تحقيقاً فيها دون حضور محامي المتهمين اللذين حضرا التحقيق الأول
من مبدئه وترافعا في الدعوى على أساسه فإنها تكون قد أخلت بحق المتهمين في الدفاع.
إذ القانون يوجب أن يكون للمتهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه, وهذا الدفاع الذي أوجبه
القانون يجب أن يكون دفاعاً حقيقياً وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان المدافع ملماً بما
تجريه المحكمة من تحقيق من بدء المحاكمة لنهايتها, وإذن فإنه ما كان للمحكمة أن تكتفي
عند إعادة تحقيق الدعوى بحضور محامٍ ثبت في محضر الجلسة أنه حضر عن المحاميين الأصليين
دون أن تبين ما إذا كان هذان المحاميان قد أخطرا ولا كيفية نيابته عنهما وهل كان ذلك
بناءً على تكليف منهما أو من المتهمين أو كان من قبيل التطوع, وهل اطلع هذا المحامي
على ما تم في الدعوى من تحقيق سابق في حضور المحاميين الأصليين أم لم يطلع, وذلك يعيب
حكمها لإخلاله بحق المتهمين في الدفاع.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية الطاعنين بأنهما بناحية الفراسية مركز أخميم مديرية جرجا: قتلا عبد الله عبد العال عمداً بأن أطلقا عليه أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمادة 234 – 1 من قانون العقوبات, فقرر بذلك. وادعت منظر إبراهيم محمد والدة القتيل بحق مدني وطلبت الحكم لها قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات سوهاج قضت عملاً بمادة الاتهام المذكورة بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهما متضامنين بأن يدفعا إلى المدعية بالحقوق المدنية مائة جنيه مصري والمصاريف المدنية وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض إلخ.
المحكمة
… حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أن المحكمة
أخلت بحقهما في الدفاع, ذلك أنها بعد أن سمعت الدعوى, وترافع المحاميان الموكلان عنهما
في مساء يوم 12 من نوفمبر سنة 1950, قررت أن تصدر الحكم بعد المداولة, وعلى أثر ذلك
انصرف المترافعان عن الطاعنين, وسافر أحدهما بقطار الليل إلى القاهرة مقر عمله, إلا
أنها قررت بعدئذ إعادة القضية للمرافعة لجلسة 14 من نوفمبر سنة 1950 دون أن تقرر إخطار
المحاميين اللذين كانا يقومان بالدفاع عن الطاعنين بل اقتصرت على تكليف النيابة استدعاء
الطبيب الشرعي بقسم سوهاج لمناقشته في أمر يتصل بالدعوى, وقد ثبت في نهاية هذا القرار
كلمة "وتنبه", ولعلها قصدت بالتنبيه سماع المتهمين قرارها. فلما كانت الجلسة التي أعيدت
القضية إلى المرافعة فيها, وحضر الطبيب الشرعي, ولم يكن لدى المدافعين الموكلين عن
الطاعنين علم بها, ثبت في محضر الجلسة أنه حضر للدفاع عن الطاعنين محامٍ نائباً عن
المحاميين الموكلين, وقد ناقشت المحكمة الطبيب الشرعي, ثم ترافع محامي المدعي بالحقوق
المدنية, أما المحامي الموصوف بأنه حضر مع الطاعنين على الصورة السابق بيانها, فقد
صمم على الطلبات دون أن يقول كلمة في سبيل الدفاع عن الطاعنين, ثم صدر الحكم بإدانتهما
على أثر ذلك, فلما فوجئ المحاميان الموكلان للدفاع بهذا الذي وقع دون علمهما, سجله
أحدهما ببرقيته لرئيس محكمة استئناف أسيوط وأخرى لرئيس نيابة سوهاج أرفقت صورة منهما
بالطعن يقرر فيها عدم علمه بإعادة القضية للمرافعة وعدم إنابته أحداً من المحامين للحضور
في الجلسة التي حددت لإعادة نظر القضية بعد أن كانت قد حجزت للحكم, ووافاه المحامي
الآخر بخطاب منه أرفق بالطعن يؤكد هذا المعنى فيما يتعلق به هو أيضاً. ولما كان الحكم
المطعون فيه قد اعتمد فيما اعتمد عليه في إدانة الطاعنين على آراء للطبيب الشرعي في
تلك الجلسة الأخيرة تتعارض تعارضاً جوهرياً مع آراء الطبيب الشرعي الذي ندبته النيابة
في التحقيق, وهي التي كانت مطروحة أمام المحكمة في المحاكمة, وترافع الطاعنان على أساسها,
فإن المحكمة تكون فيما اتخذته من الإجراءات الباطلة السابق بيانها قد أخلت بحق الطاعنين
في الدفاع.
وحيث إن الثابت في محاضر الجلسات أن القضية نظرت في يوم 12 من نوفمبر سنة 1950, وبعد
أن تمت المرافعة فيها حجزت للمداولة, وبعدئذ أصدرت المحكمة قراراً بإعادة الدعوى إلى
المرافعة لجلسة 14 من ذلك الشهر, وكلفت النيابة "استدعاء طبيب شرعي قسم سوهاج لمناقشته
في أمر يتصل بالدعوى، وتنبه"، كما ثبت في محضر جلسة ذلك اليوم حضور محامٍ عن محامي
الطاعنين السابق لهما حضور المحاكمة والدفاع عن الطاعنين وحضر محامي المدعي بالحقوق
المدنية الأصيل, وقد ناقشت المحكمة الطبيب الشرعي المذكور, وهو غير الطبيب الشرعي الذي
أجرى الصفة التشريحية وقام بفصح البندقية المقول بضبطها مع الطاعن الأول, وعرضت البندقية
في هذه الجلسة على الطبيب الشرعي المنتدب من المحكمة, ففحصها وقام بتجارب عليها, ثم
ترافع الحاضر عن المدعي بالحقوق المدنية مؤيداً رأيه, أما المحامي الحاضر عن الطاعنين
فقد اكتفى بالقول إنه "مصمم على الطلبات" وتمت المرافعة على ذلك, وبعد المداولة صدر
الحكم بإدانة الطاعنين وبإلزامهما بالحقوق المدنية وقد استند الحكم فيما استند إليه
على آراء الطبيب الشرعي الذي نوقش في تلك الجلسة الأخيرة تخالف رأي الطبيب الأول.
وحيث إنه يبين من ذلك أن المحكمة بعد أن أتمت تحقيق الدعوى واستمعت إلى دفاع المتهمين
أعادتها إلى المرافعة وأجرت تحقيقاً فيها دون حضور محامي المتهمين اللذين حضرا التحقيق
الأول من مبدئه وترافعا في الدعوى على أساسه. ولما كان القانون يوجب أن يكون للمتهم
بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه, وكان هذا الدفاع الذي أوجبه القانون يجب أن يكون دفاعاً
حقيقياً وهو لا يكون كذلك إلا إذا كان المدافع ملماً بما تجريه المحكمة من تحقيق من
بدء المحاكمة لنهايتها فإن المحكمة إذا اكتفت عند إعادة تحقيق الدعوى بحضور محامٍ ثبت
في محضر الجلسة أنه حضر "عن" المحاميين الأصليين دون أن تبين ما إذا كان هذان المحاميان
قد أخطرا, ولا كيفية نيابته عنهما وهل كان ذلك بناءً على تكليف منهما أو من المتهمين
أو كان من قبيل التطوع وهل اطلع هذا المحامي أو لم يطلع على ما تم في الدعوى من تحقيق
سابق في حضور المحاميين الأصليين – إذ اكتفت المحكمة بذلك تكون قد أخلت بحقوق الطاعنين
في الدفاع مما يعيب حكمها ويوجب نقضه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم وذلك من غير حاجة إلى البحث في باقي
أوجه الطعن.
