الرئيسية الاقسام القوائم البحث

قاعدة رقم الطعن رقم 96 لسنة 22 قضائية “دستورية” – جلسة 10 /03 /2002 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء العاشر
من أول أكتوبر 2001 حتى آخر أغسطس 2003 – صـ 207

جلسة 10 مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعلي عوض محمد صالح والدكتور حنفي علي جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم
القضية رقم 96 لسنة 22 قضائية "دستورية"

1 – دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها". تشريع "القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية".
ضرورة توافر مصلحة شخصية مباشرة للمدعي في الدعوى الدستورية. مناطها: أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية مؤثراً في الطلبات الموضوعية. طلب المدعية في الدعوى الموضوعية إلغاء الحجز على أموالها وفاء للضريبة على العقارات المبنية المقررة بالقانون رقم 56 لسنة 1954. أثره: توافر مصلحتها في الدعوى الدستورية.
2 – ضريبة "فريضة مالية: محلها".
الضريبة فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة مساهمة منه في التكاليف والأعباء والخدمات العامة. الدستور ينظم أحكامها وأهدافها ويحدد سلطة تقريرها أو الإعفاء منها.
التكليف بقيمتها يرد على المال الخاص للممول. استيفاء الضريبة أوضاعها الدستورية. أثره: عدم مساسها بالملكية الخاصة.
3 – الضريبة على العقارات المبنية "وعاؤها". تشريع "القانون رقم 56 لسنة 1954".
فرض ضريبة على العقارات المبنية المشغولة بالقانون المار ذكره. أساسه: إعدادها لكي تدر دخلاً بحكم طبيعتها. وعاؤها: القيمة الإيجارية المقررة قانوناً لها. المغايرة بين الأرض الفضاء والعقار المشغول. أساسها: الأولي لا تدر دخلاً تفرض عليه الضريبة. الثانية مصدر لدخل حقيقي حين يشغل العقار بعرض، أو دخل حكمي لدى شغله بغير عرض وفقاً لاختيار مالكه. هذا الاختيار لا يغير من طبيعة المال وما أعد له من أن يكون مصدراً للدخل.
1 – وجوب توافر مصلحة شخصية مباشرة للمدعي في الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، ذلك بأن يكون من شأن الحكم في المسألة الدستورية أن يؤثر فيما أبدى من طلبات في الدعوى الموضوعية. وكانت الشركة المدعية تستهدف في الدعوى الموضوعية إلغاء الحجز الذي أوقعته جهة الإدارة على أموالها بقيمة الضريبة العقارية المستحقة عن عامي 1991، 1992 واعتباره كأن لم يكن، على سند من أن العقارات التي فرضت عليها الضريبة لا تشغل بعوض ولا تدر دخلاً، وكان نص الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية قد تضمن فرض هذه الضريبة على المباني المشغولة بغير عوض، فإنه يكون للشركة المدعية مصلحة في الدعوى الماثلة في النطاق سالف الذكر.
2 – المقرر أن الضريبة هي فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة مساهمة منه في التكاليف والأعباء والخدمات العامة، وقد نظم الدستور أحكامها العامة وأهدافها وحدد السلطة التي تملك تقريرها أو الإعفاء منها، فنص في المادة منه على أن: "يقوم النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية" – وفي المادة على أن "أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون" وفي المادة على أن "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون. ولا يعفي أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون". ومفاد ذلك أن الضريبة في أساسها الدستوري تستند إلى ورود التكليف بقيمتها على المال الخاص للممول، وهو ما لا يجوز معه الادعاء بأن الضريبة في ذاتها – متى استوفت أوضاعها الدستورية – يمكن أن تشكل عدواناً على الملكية الخاصة.
3 – الأرض الفضاء هي رأسمال خالص لا يدر دخلاً بحكم طبيعته وطالما بقى بحالته من عدم الاستغلال، ومن ثم فإن فرض الضريبة عليها إنما يرد على رأس المال ذاته، وليس على ما يدره رأس المال من دخل، في حين أن العقارات المبنية المشغولة قد أُعدت لأن تدر دخلاً بحكم طبيعتها، وقد جعل القانون المطعون على الفقرة الأولى من مادته الأولى تقدير هذا الدخل منسوباً إلى القيمة الإيجارية المقررة قانوناً للعقار واعتبرها هي وعاء الضريبة التي فرضها النص الطعين، بما مؤداه أن المغايرة بين حالة الأرض الفضاء وحالة العقار المشغول تتأتى من أن الأولى لا تدر ثمة دخل يمكن أن ترد عليه الضريبة، أما الثانية فهي مصدر لدخل حقيقي حين يشغل العقار بِعوَض ودخل حكمي حين يكون شغله بغير عوض، إذ يريد انعدام العُوَض في الحالة الأخيرة إلى حرية صاحب حق العوض في استخدام مصدر دخله، وهو اختيار ليس من شأنه تغيير طبيعة المال ذاته، و ما أعد له من أن يكون مصدراً لإنتاج دخل، سوء تحقق هذا الدخل فعلاً أو حكماً.


الإجراءات

بتاريخ الثالث عشر من مايو سنة 2000، أودع المدعي بصفته صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، طلباً للحكم بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية فيما يتعلق بفرضها ضريبة عقارية على العقارات المشغولة بغير عوض.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي بصفته المفوض بإدارة الشركة القومية للأسمنت – وهي إحدى شركات قطاع الأعمال العام التابعة للشركة القابضة للتعدين والحراريات – أقام الدعوى رقم 1378 لسنة 1994 مدني قصر النيل ابتغاء الحكم ببطلان الحجز الإداري الذي أوقعته مأمورية إيرادات حي التبين و15 مايو على أموال الشركة لدى البنوك المدعى عليها من السادس إلى العشر لتحصيل ضريبة عقارية مستحقة على الشركة قدرها 190 و1152169 جنية عن عامي 1991، 1992 بحسبان أن الضريبة العقارية المستحقة سنوياً على الشركة مبلغ 750000 جنية، كما طلبت الشركة المدعية عدم الاعتداء بهذا الحجز للأسباب التي أوردها بصحيفة الدعوى، وبجلسة 17/ 6/ 1999 قضت المحكمة برفض الدعوى. فاستأنف رافعه برقم 487 لسنة 1999 مدني مستأنف جنوب القاهرة التي أصدرت حكمها بجلسة 27/ 10/ 1999 بعدم اختصاصها قيمياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة حيث قيدت برقم 15613 لسنة 116 ق، وأثناء تداول الاستئناف دفع ممثل الشركة بعدم دستورية نص المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 بشأن الضريبة على العقارات المبنية فيما يتعلق بفرضها ضريبة عقارية على العقارات المشغولة بغير عوض ولا تدر دخلاً، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فقد أقام الدعوى الماثلة خلال الأجل القانوني المحدد.
وحيث إن الفقرة الأولي من المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 تنص على أنه: "تفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية أياً كانت مادة بنائها وأياً كان الغرض الذي تستخدم فيه دائمة أو غير دائمة مقامة على الأرض أو تحتها أو على الماء مشغولة بعوض أو بغير عوض".
وحيث إن المدعي ينعي على هذا النص أنه يفرض ضريبة سنوية على العقارات المبنية المشغولة بغير عوض أي التي لا تدر دخلاً لصاحبها – بقالة أن ذلك ينطوي على عدوان على الملكية الخاصة بالمخالفة لنص المادة من الدستور، كما أنه يناقض مفهوم العدالة الاجتماعية التي نصت المادة من الدستور على قيام النظام الضريبي على أساسه، فضلاً عن مخالفته لما قضت به المحكمة الدستورية العليا من عدم دستورية فرض ضريبة على الأرض الفضاء، كما أن فرض الضريبة التي تضمنها النص الطعين يؤدي إلى استغراقها قيمة العقارات بما يعني مصادرتها بالمخالفة للمادة من الدستور، ويقود إلى زوال رأس المال ذاته.
وحيث إن المقرر وجوب توافر مصلحة شخصية مباشرة للمدعي في الدعوى الدستورية مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، ذلك بأن يكون من شأن الحكم في المسألة الدستورية أن يؤثر فيما أبدى من طلبات في الدعوى الموضوعية. وكانت الشركة المدعية تستهدف في الدعوى الموضوعية إلغاء الحجز الذي أوقعته جهة الإدارة على أموالها بقيمة الضريبة العقارية المستحقة عن عامي 1991، 1992 واعتباره كأن لم يكن، على سند من أن العقارات التي فرضت عليها الضريبة لا تشغل بعوض و لا تدر دخلاً، وكان النص الطعين قد تضمن فرض هذه الضريبة على المباني المشغولة بغير عوض، فإنه يكون للشركة المدعية مصلحة في الدعوى الماثلة في النطاق سالف الذكر.
وحيث إن المقرر أن الضريبة هي فريضة مالية يلتزم الشخص بأدائها للدولة مساهمة منه في التكاليف والأعباء والخدمات العامة، وقد نظم الدستور أحكامها العامة وأهدافها وحدد السلطة التي تملك تقريرها أو الإعفاء منها، فنص في المادة منه على أن: "يقوم النظام الضريبي على العدالة الاجتماعية". وفي المادة على أن "أداء الضرائب والتكاليف العامة واجب وفقاً للقانون". وفي المادة على أن "إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاءها لا يكون إلا بقانون. ولا يعفي أحد من أدائها إلا في الأحوال المبينة في القانون". ومفاد ذلك أن الضريبة في أساسها الدستوري تستند إلى ورود التكليف بقيمتها على الماد الخاص للممول. وهو ما لا يجوز معه الادعاء بان الضريبة في ذاتها – متى استوفت أوضاعها الدستورية – يمكن أن تشكل عدواناً على الملكية الخاصة.
وحيث إن النعي بأن العدوان على الملكية الخاصة يتمثل في النص الطعين في أن العقارات المشغولة بغير عوض لا تدر دخلاً والاستشهاد في ذلك بقضاء المحكمة الدستورية العليا في شأن الضريبة على الأرض الفضاء، فإنه مردود بأن الأرض الفضاء هي رأسمال خالص لا يدر دخلاً بحكم طبيعته وطالما بقي بحالته من عدم الاستغلال، ومن ثم فإن فرض الضريبة عليها إنما يرد على رأس المال ذاته، وليس على ما يدره رأس المال من دخل، في حين أن العقارات المبنية المشغولة قد أُعدت لأن تدر دخلاً بحكم طبيعتها، وقد جعل القانون المطعون على الفقرة الأولى من مادته الأولى تقدير هذا الدخل منسوباً إلى القيمة الإيجارية المقررة قانوناً للعقار واعتبرها هي وعاء الضريبة التي فرضها النص الطعين، بما مؤداه أن المغايرة بين حالة الأرض الفضاء وحالة العقار المشغول تتأتى من أن الأولى لا تدر ثمة دخل يمكن أن ترد عليه الضريبة، أما الثانية فهي مصدر لدخل حقيقي حين يشغل بِعوَض ودخل حكمي حين يكون شغله بغير عوض، إذ يريد انعدام العُوَض في الحالة الأخيرة إلى حرية صاحب حق العوض في استخدام مصدر دخله، وهو اختيار ليس من شأنه تغيير طبيعة المال ذاته، و ما أعد له من أن يكون مصدراً لإنتاج دخل، سواء تحقق هذا الدخل فعلاً أو حكماً.
وحيث إنه متى كان ما تقدم فإن النص الطعين – الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 56 لسنة 1954 – لا يكون قد أصابه ثمة عوار دستوري، ويكون الطعن عليه قد جاء بلا سند، بما يوجب رفضه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات