الطعن رقم 1033 سنة 26 ق – جلسة 26 /02 /1957
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الأول – السنة 8 – صـ 176
جلسة 26 من فبراير سنة 1957
برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى جندى، وأحمد زكى كامل المستشارين.
القضية رقم 1033 سنة 26 القضائية
(أ) إصابة خطأ. صورة يتحقق بها ركن الخطأ.
(ب) إصابة خطأ. نقض. " أسباب موضوعية ". تقدير السرعة التى تصلح أساسا للمسئولية الجنائية
عن جريمة القتل الخطأ. موضوعى.
1 – متى كان الثابت أن المتهم كان يقود السيارة بسرعة زائدة، وأنه كان يعلم من قبل
بحقيقة حالة فرملة القدم بها، وبأن الخلل يطرأ عليها بغتة من وقت لآخر فلا تستجيب له
فى الوقت المناسب عند العمل على وقف السيارة، ولكنه على الرغم من علمه بهذه الظروف
أقدم على قيادتها والسير بها، فإنه يكون مسئولا عما ينجم نتيجة لهذا الخطأ، ولا تجدى
فى هذا المقام المحاجة بأن الخلل الذى طرأ على فرملة السيارة كان فجائيا.
2 – السرعة التى تصلح أساسا للمسئولية الجنائية عن جريمة القتل الخطأ أو الإصابة الخطأ
إنما يختلف تقديرها بحسب الزمان والمكان والظروف المحيطة بالحادث، وهو أمر موضوعى بحت
تقدره محكمة الموضوع فى حدود سلطتها دون معقب.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه: تسبب من غير قصد ولا تعمد فى قتل غلام مجهول الشخصية وإصابة عاشور عبد الرؤوف عبد المعطى وكمال عبد الخالق السيد ومصطفى حسنين سليمان بالإصابات المبينة بالكشف الطبى وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احتياطه بأن قاد سيارة بسرعة وبحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجنى عليه وطلبت عقابه بالمادتين 242 و238 من قانون العقوبات ومحكمة شبرا الجزئية قضت حضوريا عملا بمادتى الاتهام المذكورتين والمادة 32/ 2 من قانون العقوبات بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة ثلاثمائة قرش لوقف التنفيذ فاستأنف، ومحكمة مصر الابتدائية قضت حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الوكيل عن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض….. الخ.
المحكمة
…. وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون قد شابه الفساد فى
الاستدلال والقصور فى البيان، ذلك بأنه استند فى إدانة الطاعن إلى أنه كان يقود السيارة
بسرعة وفراملها ضعيفة وأنه كان يعلم بضعف الفرامل، واستدل الحكم على السرعة بأن السيارة
اصطدمت بالمجنى عليهم وببعض السيارات التى كانت تقف فى الطريق وصعدت بعد ذلك فوق إفريز
الشارع، كما استدلت عليها المحكمة أيضا بوجود أثار إتلاف جسيم بالسيارة التى كان يقودها
الطاعن، مع أن ذلك كله لم يكن إلا نتيجة خلل فجائى طرأ على فرملة القدم، ولم يكن فى
وسع الطاعن وقف السيارة باستعمال فرملة اليد أو باستعمال الفتيس كمل شهد بذلك المهندس
الفنى أمام المحكمة الاستئنافية، وأضاف بأنه لا يستطيع تحديد السرعة، ولكن الحكم لم
يعن بالرد على قول المهندس بما يفنده، هذا إلى أن الثابت أن السيارة لم تستمر فى سيرها
أكثر من خمسة أمتار ولم تبين المحكمة السرعة التى كانت السيارة تسير عليها ولا السرعة
التى كان ينبغى على الطاعن ألا يتجاوزها والإجراء الذى كان عليه أن يتخذه ليتجنب وقع
الاصطدام. يضاف إلى أن ذلك أن الدفاع عن الطاعن دفع بأن الثابت من مناقشة المهندس أن
السيارة ليست مملوكة للطاعن وإنما هى مملوكة لشركة سيارات نهضة مصر التى تملك 800 سيارة
يتداولها سائقون متعددون، وليس الطاعن إلا واحدا من بينهم، فعلم الطاعن بوجود خلل فى
فرامل السيارة منتف ولا دليل عليه، كذلك دفع الطاعن بأنه انحرف بالسيارة ليتفادى الاصطدام
بسيارات أخرى، وهى حالة من حالات الضرورة ألجأته إلى الانحراف للخلل الفجائى الطارئ
الذى أصاب فرامل السيارة، فلا تصح مساءلة الطاعن عن الجريمة إعمالا لحكم المادة 61
من قانون العقوبات، ولكن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع ردا غير سديد، ولم يبين
أيضا مكان الغلام القتيل وقت الاصطدام، وكيف كان فى استطاعة الطاعن أن يتفاداه.
وحيث إن واقعة الدعوى التى حصلها الحكم المطعون فيه على ما يبين من مدوناته – هى أن
الطاعن كان يقود السيارة الأمنيبوس رقم 385 مصر بسرعة فاصطدم بالسيارة النقل رقم 703
بحيرة التى كانت تقف على الجانب الأيمن من الطريق، فدفعتها سيارة الطاعن إلى الأمام
مسافة حوالى ثمانية أمتار، ثم انحرف الطاعن بسيارته إلى الجهة اليمنى حتى صعد بها فوق
رصيف الشارع، فاصطدمت بسيارة نقل أخرى رقم 26269 مصر كانت تقف أمام ورشة لحام لإصلاحها،
ثم اصطدمت بالمجنى عليهم فأصابتهم بالإصابات الموضحة بالتقارير الطبية والتى أدت إلى
وفاة أحدهم وهو غلام مجهول يبلغ من العمر ثلاث عشرة سنة كان وقتئذ يجرى على مقربة من
رصيف الشارع فدهمته سيارة الطاعن. ثم اصطدمت بسيارات أخرى كانت تقف فى محل الحادث،
وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن
المعاينة والتقارير الطبية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التى انتهى
إليها، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن، وحاصله أنه كان يقود السيارة الامنيبوس قادما بها
من جهة محطة مصر قاصدا شبرا البلد، وفى الطريق أبصر بالترام وإلى جواره سيارة مقبلين
من الاتجاه المضاد فرغب الطاعن فى الوقوف إلى يمين الشارع خلف السيارة النقل رقم 703
بحيرة التى كانت تقف أمامه على يمين الشارع أيضا على مسافة أربعة أو خمسة أمتار منه
وذلك حتى يتفادى الاصطدام بالترام، ولكن فرملة القدم بالسيارة التى يقودها لم تسعفه
بالوقوف لخلل فجائى طرأ عليها، فمضت فى طريقها حتى اصطدمت بمؤخر السيارة النقل، وعمد
الطاعن فى تلك اللحظة إلى الانحراف بسيارته إلى الجهة اليمنى لإنقاذ من فيها من الركاب
فصعدت فوق الرصيف واصطدمت بالمجنى عليهم، واستطرد الحكم من ذلك إلى استظهار الخطأ فى
حق الطاعن فقال " إن التهمة ثابتة قبل المتهم من أقوال الشاهد إبراهيم حناوى من أنه
كان مسرعا بسيارته وكذا من قيادته (أى المتهم) السيارة رغم علمه أن فراملها ضعيفة وكثيرا
ما فلت زمامها كما جاء بأقواله أمام النيابة، الأمر الذى أدى إلى وقوع الحادث بالكيفية
سالفة الذكر وقتل الغلام المجهول الشخصية وإصابة الباقين، وقد تأيد خطأ المذكور من
أنه اضطر إلى الاصطدام بالسيارة رقم 703 نقل بحيره وغيرها من السيارات التى كانت تقف
بالطريق وقتئذ برغم رؤيته لها على مبعدة أربعة أو خمسة أمتار كما جاء بأقواله، ومن
اضطراره إلى الصعود إلى رصيف الطريق دون أن يتمكن من إيقاف السيارة فى الوقت المناسب
وكذا من جسامة الاتلاف الذى حدث بالسيارة قيادته، الأمر الذى يدل على أنه كان يقودها
بسرعة فائقة، ولا عبرة بما جاء بأقواله من أن خلل فرامل السيارة حدث فجأة لما سبق بيانه
من أنه سبق أن أدلى بأقواله أمام النيابة أنه كان يعلم من قبل بوجود هذا الخلل، وبأنه
كثيرا ما كان يتعطل استعمال الفرامل بالكيفية التى حدثت وقت وقوع الحادث الحالى، وعلى
ذلك يكون الحادث قد وقع نتيجة خطئه وليس لضرورة ألجأته إليه". ولما كان هذا الذى ساقه
الحكم ورتب عليه مسئولية الطاعن عن الخطأ الذى أدى إلى وقوع الحادث استخلاصا منطقيا
سائغا من أدلة تنتجه وتؤدى إليه، إذ متى كان الثابت أن الطاعن كان يقود السيارة بسرعة
زائدة، وأنه كان يعلم من قبل بحقيقة حالة فرملة القدم بها، وبأن الخلل يطرأ عليها بغتة
من وقت لاخر فلا تستجيب له فى الوقت المناسب عند العمل على وقف السيارة، ولكنه على
الرغم من علمه بهذه الظروف أقدم على قيادتها والسير بها فإنه يكون مسئولا عما ينجم
نتيجة لهذا الخطأ، ولا تجدى فى هذا المقام المحاجة بأن الخلل الذى طرأ على فرملة السيارة
كان فجائيا – لما كان ذلك وكان استدلال الحكم على قيادة السيارة بسرعة زائدة بالأدلة
التى أوردها سائغا لا عيب فيه، وكانت السرعة التى تصلح أساسا للمسئولية الجنائية عن
جريمة القتل الخطأ أو الإصابة الخطأ إنما يختلف تقديرها بحسب الزمان والمكان والظروف
المحيطة بالحادث وهو أمر موضوعى بحت تقدره محكمة الموضوع فى حدود سلطتها دون معقب –
لما كان ذلك، فان ما يثيره الطاعن فى طعنه لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.