الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1132 سنة 20 ق – جلسة 28 /11 /1950 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة الثانية – صـ 308

جلسة 28 من نوفمبر سنة 1950

القضية رقم 1132 سنة 20 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة, وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة, وأحمد حسنى بك, وحسن إسماعيل الهضيبى بك, ومحمد أحمد غنيم بك المستشارين.
تعويض. ضرر أدبي. وجوب التعويض عنه. القضاء ابتدائيا لطالب التعويض بتعويض عن ضرر أدبي أصابه. استئناف النيابة. وفاته قبل نظر الاستئناف. حلول وارثتيه محله في الاستئناف. القضاء بعدم قبول الدعوى لزوال الصفة. خطأ.
إن القانون يسوى بين الضرر الأدبي والضرر المادي في إيجاب التعويض للمضرور وترتيب حق الدعوى به. والضرر الأدبي متى ثبت وقوعه كان لمحكمة الموضوع أن تقدره بمبلغ من المال, وحق المورث في تعويض الضرر الأدبي والدعوى به هو من الحقوق المالية التي تعد جزءاً من تركته وتنتقل بوفاته إلى ورثته ما دام أنه لم يأت ما يفيد نزوله عنه. وإذن فإذا ادعى والد المجني عليه مدنيا وطلب الحكم على المتهمين بالتعويض فحكمت محكمة الدرجة الأولى له بتعويض ثم استأنف المحكوم عليهم واستأنفت النيابة, وتوفى المدعى بالحقوق المدنية قبل نظر الاستئناف فحل محله فيه وارثتاه فقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى المدنية لزوال الصفة – فإنه تكون قد أخطأت.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة 1 – عبد الوهاب عبد المنعم محمد و2 – دسوقي عبد الحق إبراهيم بأنهم في يوم 23 من أغسطس سنة 1949 بدائرة مركز ملوي تسببا من غير قصد ولا تعمد في قتل سيد عبد الحليم عرابي وكان ذلك ناشئا عن إهمالهما وعدم احتياطهما ومخالفتهما للوائح بأن قادا سيارتيهما بحالة ينجم عنها الخطر فتصادما بالمجني عليه وأحدثا به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياته, وطلبت عقابهما بالمادة 238 من قانون العقوبات. وادعى بحق مدني عبد الحليم عرابي أحمد والد الغلام القتيل وطلب الحكم له قبل المتهمين المذكورين و1 – حسن عطا و2 – عبد الحليم عبد العاطى. و3 – بولس قليته "باعتبارهم مسئولين عن الحقوق المدنية" بمبلغ مائة وخمسين جنيها على سبيل التعويض والمصاريف والأتعاب مع النفاذ المعجل, وقد توفى المتهم الأول, فلما علم المدعى المدني المذكور بوفاته قرر بإثبات تنازله عن مخاصمته مؤقتا, والمحكمة قضت أولا – وفيما يتعلق بالدعوى العمومية بانقضاء الدعوى بالنسبة للمتهم الأول عبد الوهاب عبد المنعم محمد لوفاته. وثانيا – بالنسبة للمتهم الثاني دسوقي عبد الحق إبراهيم بحبسه ستة أشهر مع الشغل والنفاذ وذلك عملا بالمادة 238 من قانون العقوبات. وثالثا – وفيما يتعلق بالدعوى المدنية بإثبات تنازل المدعى المدني عبد الحليم عرابي أحمد عن مخاصمة ورثة المتهم الأول مؤقتا وبإلزام المتهم دسوقي عبد الحق إبراهيم والمسئولين عن الحقوق المدنية حسن عطا وعبد الحليم عبد العاطى وبولس قليته بالتضامن بأن يدفعوا للمدعى بالحقوق المدنية مائة وخمسين جنيها على سبيل التعويض مع المصاريف وثلاث جنيهات مقابل أتعاب المحاماة ورفضت النفاذ المعجل. فاستأنف المتهم والنيابة والمسئولون مدنيا, ولدى المحكمة قدم الحاضر مع 1 – هانم عرابي أحمد و2 – خديجة شحاتة إبراهيم "الطاعنتين" إعلاما شرعيا يثبت وفاة عبد الحليم عرابي أحمد "المدعى بالحقوق المدنية" وانحصار إرثه في المذكورتين باعتبار الأولى أخته والثانية زوجته وفى ابنته القاصر سيدة, وسمعت مرافعة الخصوم وأصدرت حكمها أولا – بقبول الاستئنافات شكلا وفى الموضوع برفضها وبتأييد الحكم المستأنف, وثانيا بإلغاء الحكم فيما يختص بالتعويض المحكوم به وعدم قبول الدعوى المدنية لزوال الصفة وألزمت المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية متضامنين بالمصاريف المدنية عن الدرجتين. فطعن في الحكم الأخير بطريق النقض الخ.


المحكمة

… من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر بالقانون.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنتان على الحكم المطعون فيه أنه قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الصادر بالتعويض لمورثهما المدعى بالحقوق المدنية وبعدم قبول الدعوى المدنية أمام المحكمة الاستئنافية لزوال الصفة على أساس أن هذا التعويض هو عن ضرر أدبي لحق بشخص المورث بسبب ما أصابه من الألم لفقد ولده المجني عليه, وقد توفى بعد صدور الحكم الابتدائي فلا ينتقل الحق فيه إلى ورثته. هذا على حين أنه من المقرر في القانون أن الضرر المادي والضرر الأدبي سيان في إيجاب التعويض والدعوى به, وأن كلا الضررين يستحيل في النهاية إلى تعويضات مدنية, وأن الدعوى التي ترمى إلى طلب هذه التعويضات تعد بوفاة رافعها جزءا من تركته ما دام لم يأت ما يفيد نزوله عنها وتنتقل بهذه الوفاة إلى ورثته.
وحيث إن النيابة رفعت الدعوى العمومية على المطعون ضده الأول وآخر توفى بأنهما تسببا من غير قصد أو تعمد في قتل سيد عبد الحليم عرابي أحمد, فادعى والد المجني عليه ومورث الطاعنتين مدنيا, وطلب الحكم على المتهمين والمطعون ضدهم الآخرين متضامنين بالتعويض, ومحكمة أول درجة حكمت على المطعون ضده الأول بالعقوبة وبإلزامه وباقي المطعون ضدهم متضامنين بالتعويض المطلوب, فاستأنف المطعون ضدهم, واستأنفت النيابة, وتوفى المدعى بالحقوق المدنية قبل نظر الاستئناف, فحل محله فيه الطاعنتان بوصفهما وارثتين له, ومحكمة الجنح المستأنفة قضت بإلغاء الحكم المستأنف فيما يتعلق بالتعويض وبعدم قبول الدعوى المدنية لزوال الصفة, وأسست ذلك على القول: "بأن أساس القضاء بالتعويض المدني لعبد الحليم عرابي أحمد "مورث الطاعنتين" هو الضرر الأدبي الذي وقع عليه إذ أنه ليس من الهين على نفس الوالد أن يقتل صغيره… وأن تعويض الوالد عن فقد ولده لا يعتبر تعويضا عن ضرر محتم الحصول في المستقبل, وإنما هو تعويض لما سببه له هذا الحادث من اللوعة بفقد ولده… وأنه والد المجني عليه وهو الذي تألم, فقد كان حكم التعويض صحيحا بل بلسما لجراحه, إلا أنه توفى بعد صدور الحكم الابتدائي, وأن هذا التعويض لا يورث باعتبار أنه كان تعويضا عن ضرر أدبي شخصي ناتج عن ألم أصاب المحكوم له…" ولما كان القانون يسوى بين الضرر الأدبي والضرر المادي في إيجاب التعويض وترتيب حق الدعوى به, وكان الضرر الأدبي متى ثبت وقوعه أمكن لمحكمة الموضوع تقديره بمبلغ من المال, وكان حق المورث في تعويض الضرر الأدبي وفى إقامة الدعوى به – وقد بات ثابتا في الحكم المطعون فيه – هو من الحقوق المالية التي تعد جزءا من تركته, وتنتقل بوفاته إلى ورثته مادام أنه لم يأت ما يفيد نزوله عنه، فإن الحكم المطعون فيه يكون مخطئا في تطبيق القانون فيما قضى به من عدم قبول الدعوى المدنية من الطاعنتين لزوال الصفة مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه, وذلك من غير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات